head-image

الاستراتيجيات الأجنبية في تعليمية العربية للناطقين بغير العربية

د.خالد أبو عمشة    و أ.د.السيد عزت أبو الوفا

يطلب من دار كنوز المعرفة

عمّان- الأردن

الاستراتيجيات الأجنبية في تعليمية العربية للناطقين بغير العربية: رؤية نظرية تطبيقية مقترحة للتوظيف في الفصول الدراسية؛ كتاب يفتح في تعليمية العربية للناطقين بغيرها بابًا كان منغلقًا، ويُلهم باحثيه بالعديد من الموضوعات البحثية الراقية، ويرفدهم بالعِنْيَانَات الفريدة، والأفكار التدريسية الناجعة، ويقارب الكثير من الموضوعات والأفكار الحديثة التي لم تُطرق من قبلُ، وينادي بأعلى الصوت بضرورة الإفادة من مدخل الاستراتيجيات الحديثة؛ بوصفه سبيلًا إلى تعليم نشط وفعّال،  مؤمنا أن النجاعة في ذلك لن تتم بين عشية وضحاها؛ فدون ذلك قناعة وإيمان، وجهد وعمل، وصبر وأناة، وتخطيط وتنفيذ، وسَلْسَلة وترتيب، وتدريب وتجريب، ومتابعة وتقويم، ويحذِّر من أن الطرائق والاستراتيجيات- والأجنبية منها خاصة- لا تُكتسب بطريقة عشوائية، ولا بطرائق سحرية عجائبية سريعة؛ وإنما يجب أن تُشْرَح للطلاب صراحةً عن عِلْمٍ، وتُنَمْذَجَ لهم عن فهم، وتُطَبَّق أمامهم عن قناعة واقتدار.

وقد جمعنا فيه بين عنوان رئيسيي مقصود له الصدارة للتعريف، وآخر فرعي مقصود له مزيدًا من التفصيل والإبانة، فقصدنا إلى تأكيد أن هذا الكتاب محاولة مقترحة يُرجى من ورائها الإفادة والنفع، وإن لم تدّع التمام والكمال؛ ذلك أنها محض جهد بشري يعتريه ما يعتري أهله من النقص أو الزلل أو الخطأ أو النسيان أو كل هذا مجتمعًا وحسب أهله المحاولة والتجريب والنية الصادقة في نفع العربية ومحبيها والراغبين في احتياز علومها من غير أبنائها خاصّة.

ثم جاء بعد المقدمة والإهداء الفصل الأول معنونًا بــ" الاستراتيجيات المعرفية وتطبيقاتها في فصول العربية للناطقين بغيرها" " بوصفها أحد أهم أدوات اكتساب اللغة في فصول تعليمية اللغة الثانية أو الأجنبية، ومن أهم القابليات المتعلمة لدى الإنسان وفق آخر ما توصل إليه علم اللغة النفسي (لويس، 1997.)

ثم جاء الفصل الثاني بعنوان" الاستراتيجيات فوق المعرفية وتطبيقاتها في تعليمية العربية للناطقين بغيرها" وقد قاربناها بوصفها الدراسة العلمية لإدراك الفرد حول إدراكه الخاص في التخطيط والتنفيذ والمراقبة، وبوصفها أيضًا "طرق محددة لتناول مشكلة ما أو القيام بمهمة من المهمات، أو هي مجموعة عمليات تهدف إلى بلوغ غاية معينة، أو هي تدابير مرسومة من أجل ضبط معلومات محددة والتحكم فيها، فيما تعرفها (أكسفورد، 1990.)

ثم جاء الفصل الثالث وعنوانه "إستراتيجية SQ3R وأخواتها في تدريس مهارة القراءة للناطقين بغير العربية" وقاربناها بوصفه إستراتيجية ذات شهرة واسعة في تعليم مهارة القراءة أحد أهم أنواع المهارات اللغوية الأساس- تلك التي تتكون من خمس مراحل: (المسح أو التصفح، والتسآل، والقراءة، والاسترجاع، والتقييم)؛ ويوصي بها اللسانيون والمهتمون بمهارة القراءة خاصّة؛ إذ إنها أداة قراءة مصممة خصيصًا لمساعدة الدارسين على استيعاب المعلومات من الكتب والمقالات، وهي "أيضا أحد مبادئ تصميم تقنيات القراءة التفاعلية (Brown, 2001)"، كما أنها" إستراتيجية منهجية منظمة في تناول النص القرائي بطريقة فاعلة (شحاتة، 2017).

ثم قاربنا في الفصل الرابع "إستراتيجية KWL.. سبيلا إلى تعليمية القواعد النحوية وتعزيز الكفاءة اللغوية للناطقين بغير العربية" بوصفها واحدة من استراتيجيات التعلّم القائم على النظرية البنائية، التي تعود لجراهام ديتريك صاحب العديد من الاستراتيجيات القائمة على تلك النظرية، وهي اختصار لجملة What I already Know، كما أنّها صيغة استفهامية عما أعرف (أنا) الطالب مسبقًا من معلومات وخبرات عن موضوع التعلم؟، وماذا أريد (أنا الطالب) أن أتعلم جديدًا عنه؟ وماذا تعلمت (أنا الطالب) فعليًا؟ ومن ثم قامت دونا أوغل عام 1956 في الكلية الوطنية للتعليم في إيفانستون في أمريكا بتطويرها ضمن برنامج التخرج للقراءة وفنون اللغة. وتؤكد هذه الإستراتيجية نشاط المتعلم في تكوين المعنى؛ فالمتعلم ينظم المعلومات ويميز بين الأنواع المختلفة من المعلومات المهمة في الدرس - الحقائق والمفاهيم والمبادئ (القطيطي، 2016) و (Safaa, 2021).

وأما في الفصل الخامس فقد تناولنا "إستراتيجية PPP.. سبيلًا إلى تعزيز الكفاءة التواصلية في تعليمية العربية للناطقين بغيرها" بوصفها هي إحدى طرائق التدريس التي شاعت في أوائل التسعينيات لتعلم اللغة الثانية، وتسمى: العرض، والممارسة والإنتاج، ووفقًا لجيريمي هارمر (2009) فإنها طريقة مستخدمة على نطاق واسع في تدريس لغة بسيطة في المستويات الأدنى، ليس فقط لتعليم المفردات النحوية، ولكن يمكن استخدامها أيضًا لتعليم الوظائف والمفردات وحتى النطق، وتنبني هذه الإستراتيجية على ثلاث مراحل: أولًا، يقدم المعلم اللغة الهدف؛ بعد ذلك، يمارس الطلاب عناصر اللغة الجديدة؛ وأخيرًا يستخدمون أفكارهم الخاصة للتحدث عن أنفسهم" (SPRATT, Mary, PULVERNESS, Alan, and WILLIAMS, Melanie,2005).

وجاء الفصل السادس معنونًا بــ" إستراتيجية (i+1).. سبيلا إلى تحويل النصوص التعليمية من فوضى التأليف وغشاشة الاختيار إلى كياسة التخطيط وملاءمة الاختيار" وقد قاربنا هذه الإستراتيجية بوصفها  تعني "مستوى الصعوبة في المدخلات اللغوية في عملية اكتساب اللغة الثانية وتعلمها بحيث يجب أن يكون هذا المستوى أعلى بقليل من مستوى المتعلّم وقدرته الاستيعابية للغة الثانية أو الأجنبية، أي أن يُبنى النص المقدم ويقدم وفق تخطيط وكياسة لا عشوائية وغشاشة، بحيث يتضمن مستوى الطالب السابق مع وجود تحديات مقبولة يستطيع الطالب التعامل معها والاستفادة منها في تطوير كفاءته اللغوية للمستوى التالي، وعليه، فيكون مثل هذا النص نصًا مناسبًا من حيث الموضوع والمفردات والتراكيب والتعقيد والطول وكل عناصر النص المناسب الأخرى، ويمثِّل في حالتنا هذه إستراتيجية (i+1) بامتياز.

ثم جاء الفصل السابع وعنوانه "إستراتيجية ECRIF.. سبيلا إلى استكناه تعليم اللغة الهدف وتحسينها من خلال التّعلُّم" وقد عالجنا هذه الإستراتيجية بوصفها تعني" إستراتيجية المراحل التعليمية الخمسة؛ حيث تقف على خمس مراحل لتعلم الطلاب هي: اللقاء، والتوضيح، والتذكر، والاستيعاب، والطلاقة، وتعد هذه الإستراتيجية إطارًا لفهم التّعلُّم، فهي تبحث في كيفية تعلم المتعلمين بدلا من وصف ما ينبغي للمعلمين أولا القيام به، وتعتبر هذه الإستراتيجية مساعدة أساسية للمعلمين لفهم الطريقة التي يمكن بها للطلاب أداء العملية الديناميكية لتعلم لغة أجنبية (الموبايد، 2016).

وكان الفصل الفصل الثامن معنونًا بــ "إستراتيجية السقالات التعليمية Educational scaffolding وتطبيقاتها في فصول تعليمية العربية للناطقين بغيرها" وقد تناولنا هذه الإستراتيجية من باب أنها مصطلح لغوي ظهر في سبعينيات القرن المنصرم ، وقد أضحى إستراتيجية كبرى من استراتيجيات تعليم اللغات الأجنبية عمومًا، ومن تعريفاتها المعتبرة لدى (Ovando, Collier, & Combs, 2003)" أنها عبارة عن "إستراتيجية  تقوم على دعم سياقي للمعنى من خلال استخدام لغة سهلة مبسطة، ونمذجة المعلم اللغوية، وتوظيف المرئيات والرسومات والوسائل، وتوظيف التعلم التعاوني والتعلم العملي، ويرى فيجوتسكي أن "هناك فجوة تتكون بين معرفة الطالب ومعرفة المعلم وتسمى الخبرة الأقرب لدى الطالب بمنطقة النمو الأقرب، ويتم ردم هذه الفجوة من خلال برامج التسقيل التي يستخدمها المعلم بشكل مؤقت لمساعدة الطالب بالربط بين المعرفتين" .(Vygotsky, 1978). وقد تناولناها عبر عدة محاور أساس، نظريا وتطبيقيا، وعرضنا لكيفية توظيفها في تعليمية القواعد العربية، وخلصت الدراسة إلى جملة من النتائج والتوصيات المثبتة في نهاية الفصل.

ثم جاء الفصل التاسع معنونًا بــ "إستراتيجية "التنـــافر المـعرفي" Cognitive dissonance.. سبيلا إلى زيادة التحصيل في تعليمية العربية لغة هدفًا" وهدفنا فيه إلى معالجة هذه الإستراتيجية بوصفها" تمثل نظرية تأسست على افتراض أن الفرد يسعى إلى الاتساق والتناغم بين توقعاته وواقعه، ولذا فغالبًا ما يكون سقف توقعاته أعلى بكثير من واقعه المعيش، سواء ماديًّا أو معنويًّا، وبسبب هذا، فإن الناس كي يحصلوا عل هذا الاتساق النفسي فإنهم ينخرطون في عملية تسمى "التقليل أو الحد من التنـــافر" لتحقيق حالة من التناغم بين المدركات-السلوكيات، وهذا التناغم بدوره يسمح بتخفيف حدة التوتر النفسي والضيق، وقد قيل بأنه "من الضروري إيجاد تنافر من أجل حث التعلم، يؤدي بالطلاب إلى التفكير بطريقة ناقدة في موضوع التعلم الذي يعرض عليهم، وأما عن علاقة التنـــافر بالتحصيل الدراسي فقد ثبت أن  ارتباط التنـــافر المـعرفي الكلي وأبعاده المختلفة بالتحصيل الأكاديمي بعلاقة عكسية ذات دلالة إحصائية  (العتيبي (2015) و(Cooper, 2019). وقد تناولناها عبر عدة محاور أساس، نظريا وتطبيقيا، وعرضنا لكيفية توظيفها في تعليمية القواعد العربية، وخلصت الدراسة إلى جملة من النتائج والتوصيات المثبتة في نهاية الفصل.

وأما الفصل العاشر فكان عنوانه" إستراتيجية 4CS. سبيلًا إلى تدريس العربية لغة هدفًا وفق مهارات القرن 21" وقد جاءت هذه الدراسة لتضعنا أمام أحد أهم الاستراتيجيات التي تعد مطلبًا حثيثًا للتربويين وعلماء اللغة على مستوى العالم، بحيث يدعو الجميع لتفعيلها في التعليم بصفة عامة، وفي تعليم اللغات الثانية بصفة خاصّة، فهي إستراتيجية جامعة لأربعة مهارات متنوعة هي" التفكير الناقد، الإبداع، والتعاون، والتواصل"=4CS بوصفها أبرز أهم مهارات التعليم والتعلم في القرن 21.

ثم جاء الفصل الحادي عشر معنونًا بــ" إستراتيجية SWOM وتوظيفها في تعليمية العربية للناطقين بغيرها" وهي إحدى استراتيجيات ما وراء المعرفة التي تقوم على دمج مهارات التفكير أي دمج العادات والعمليات العقلية المنتجة والمهارات بالمنهج الدراسي بالمراحل التعليمية المختلفة حيث تقوم على جعل المتعلم أساس العملية التعليمية وهدفها وغايتها، وتركز على مهارات التفكير العليا، وبذلك تقدم حلا للتخلص من الدور السلبي الذي يؤديه المتعلم في العملية التعليمية (أبو جزر، 2018). وعرفتها (سليم، 2016) بأنها مجموعة من الخطوات التي تقوم على دمج مهارات التفكير وعاداته بالمنهاج الدراسي، بهدف الوصول إلى عدد من الأفكار العلمية والمفردات المتناسقة كاستجابة لمشكلة علمية أو موقف علمي مثير.

وأخيرا جاء الفصل الثاني عشر بعنوان "إستراتيجية (TTT vs. STT) وهي: (وقت كلام المدرس في مقابل وقت كلام الدّارس)، تلك التي تعني في أبسط الأقوال: أحقية الطلاب فيما يساوي تقريبًا 70% من وقت الدرس، وممارسة التكلم والتفاعل بينهم وبين زملائهم من ناحية، وبينهم وبين معلمهم من ناحية أخرى! وكان الهدف من هذه الدراسة رفعَ مستوى الوعي لدى معلمي المجال والمنتسبين له بأن وقت حديث الطلاب (STT) يلعب دورًا أكبر في اكتساب اللغة الثانية (SLA) قياسا إلى وقت حديث المعلم TTT، حسب أحدث نظريات تعليم اللغات الثانية واكتسابها.